هل يجدد العراق شبابه ام يقسم؟2 - صلاح المختار



هل يجدد العراق شبابه ام يقسم؟2                             
                                                                                    صلاح المختار
ويبقى السؤال الابرز هو :هل بالامكان ان ينجح التغيير السكاني في شرذمة العراق؟ الجواب قدمته ثوره الاول من اكتوبر عام 2019 عندما خرج كل شعب العراق يهتف للعراق وهويته الوطنية ويرفض كل اشكال التشرذم الطائفي والاثني وجدد الاستعداد التام للتضحية من اجل  عروبة العراق،فاستشهد حتى الان اكثر من 700 وجرح اكثر من 25 الف.فالثورة اسقطت خطط الاطراف المعادية للامة العربية خصوصا الفرس ومحقت (حواضنهم) الزائفة وعزلت نغولها، ونهض العراق واحدا قويا محصنا عظيما كما كان وكما سيبقى. 
وثمة سؤال لابد من الاجابة عليه كي نرى التفاصيل الحقيقية:هل غيرت امريكا موقفها من تقسيم العراق؟الجواب الذي لايجهله الا ساذج ولا ينكره الا متساذج لان الواقع يؤكدة بأكثر من دليل هو ان امريكا لاتضع ستراتيجياتها لانها هاوية رسم الخرائط لتتسلى بها ثم تنساها بعد ليلة بل لتنفيذها، وهذه ميزة لكل من الغرب الاستعماري والصهيونية العالمية واسرائيل الشرقية، فهؤلاء يضعون الخطط للتنفيذ عبر عقود وقرون ولا يتخلون عنها الا مجبرين وتخليهم مؤقت،فاليهود والفرس خططوا منذ الاف السنين للاستيلاء على الوطن العربي، وامريكا عملت وتعمل على تقسيم العراق منذ عقود خصوصا منذ غزوه ،فهي بفرضها النظام الفدرالي لقطر بسيط فيه اغلبية عربية ساحقة هدفت الى زرع بذور التقسيم داخله،وهذا كان هدفها وهدف كل من اسرائيليتين الشرقية والغربية واطراف اخرى.
ولكن ما يجب توضيحه لاهميته الفائقة هو ان تلك الفتن التي اشعلت بعد غزو العراق كانت فتنا طائفية سياسية اطلقتها امريكا واسرائيل الشرقية واخرين ونفذتها احزاب سياسية وليست فتنا اجتماعية تفترض تغلغل الطائفية في المجتمع والناس عموما وهذا لم يحصل، فهي فتن سياسية انحصرت اساسا في احزاب سياسية شيعية وسنية تابعة للخارج ولم تتغلغل في المجتمع ولا ازاحت الثأثيرات العضوية للقبيلة وفشلت في زرع الغرباء وتكييف الناس لتقبلهم فابقوهم معزولين. ومصدر اللحمة الوطنية القوية التاريخي هو القبيلة التي بقيت محافظة على عروبتها ولم تنافس العروبة على عرش السيادة اي هوية اخرى فرعية ولاحقة كجعل الطائفة هوية طائفية،وهو ما اثبتته الثورة العراقية الحالية التي عزلت الاحزاب الطائفية عن الجماهير بقوة مذهلة، فأطفأت لهيب فتنة مصطنعة.
وبالمقابل يجب ان نتذكر ان ما يميز امريكا هو انها وان كانت لاتغير خططها الستراتيجية فانها محكومة بمصالح رأسمالية ثابتة اكثر من اي رأسمالية اخرى، فما يخدمها تقبله حتى وان لم يكن ضمن ستراتيجيتها فتضيفه لها وتحذف ما يضر بها، ولهذا نلاحظ انها تعمل على الوصول الان الى هدفين اساسيين:الهدف الاول السيطرة المنفردة على العراق بأنهاء توكيلها لاسرائيل الشرقية الخبيرة بنبش مقابر الفتن القاتلة وكان نبش الماضي السلبي احد اهم الضرورات الصهيوامريكية للسيطرة اللاحقة على العراق،والهدف الثاني تعزيز هدف فدرلة العراق، فالفدرالية تحقق هدفين من اهم اهدافها وهما منع نشوء عراق قوي من خلال عدم قيام سلطة مركزية،لان العراق بالمركزية حقق قبل الغزو التقدم والقوة، وهذا ممكن بمنح السلطات للاقاليم ومنح التنسيق للحكومة المركزية وهو سلطة ادارية وليس قيادية!
 ويتضمن ذلك منع قيام جيش وطني عراقي قوي ويسمح فقط بقيام جيش هو اقرب للشرطة لحماية اسرائيل الغربية ومنع قيام انتفاضة مسلحة يقوم بها جيش قوي مسنود من الشعب للتحرر من السيطرة الاجنبية مستقبلا، كما ان منح السلطات للاقاليم وحرمان المركز منها يحقق لامريكا ايضا سيطرة قوية على العراق بتحكمها بالاقاليم ذات الصلاحيات الواسعة وجعلها تقرر مصير العراق، وثمة خطوة تقسيمية بالغة الخطورة اقدمت عليها امريكا وهي اعطاء الثروة لمن يسكن فوقها وهو مبدأ يشكل قاعدة مادية خطيرة للتقسيم اللاحق للعراق لانه يغذي الانانيات المحلية على حساب الهوية الوطنية وتمهيدا لهذا المبدأ شهد العراق ظاهرة شاذة وهي انشاء حكومات محلية في المحافظات! وهذه الاعدادات تضمنها دستور الاحتلال.واذا سيطرت امريكا على العراق فأنها لن تنتقل من الفدرالية الى الكونفدرالية، وهي تقسيم فعلي للعراق، ولكنها،وفي حالة ادراكها انها لن  تسيطر عليه سوف تسارع للعمل على تقسيمه باستغلال الالغام التي زرعتها. والدعوة الان للاقليم السني ليست سوى خطوة على طريق الاعداد لعراق يمكن السيطرة عليه.
بعد الثورة اصبح التقسيم بعيدا ولكن ذلك لايعني الغاء خططه بل تأجيله، وهنا يمكننا حماية وحدة العراق وتحريره بالاستفادة من الفرص التي يتيحها صراع الاطراف الدولية والاقليمية ومنها: 
  1-ان صراع الصين وروسيا مع امريكا له فوائد ستراتيجية ومنها تمتع الدول المستهدفة بامكانية ان تلعب دورا محوريا مؤثرا، اذا عرفت كيف تستفيد من الفرص المتاحه لها من خلال الصراع بين الثلاثه الكبار، وتبرز هنا اربعة اطراف تتموضع جغرافيا في عقدة اللقاء والتصادم بين مصالح الكبار الثلاثة:وهي العراق واسرائيل الشرقية وتركيا وسوريا، فهذه الاطراف تستطيع ان كانت داخليا متماسكة وتحت قياده قوية ان تؤثر في خطط الكبار الثلاثه، لانها الممرات الوحيدة برا ل(طريق الحرير) الصيني،وهو ربما اهم ادوات التجارة العالمية في المستقبل المنظور، وللتوسع الروسي في المياه الدافئة، فمن ينظر لطريق الحرير يراه يمر من الصين الى باكستان ثم اسرائيل الشرقية وبعدها يجب ان يمر اما بالعراق ثم سوريا او بتركيا من اسرائيل الشرقية،وبما ان تركيا لها مشروعها القومي الاقليمي فانها يمكن ان تتفق مع اسرائيل الشرقية في حالات عديدة،مثلما يحصل الان،ولكنهما في النهاية ستصطدمان،لان المشاريع الامبراطورية التركية والفارسية والصهيونية الفقيرة الموارد المادية والبشرية الضروريةلقيام الامبراطورية،تراهن اساسا على استخدام موارد الوطن العربي وقوته البشرية واسواقه ،لذلك فهو بؤرة صراع اقليمي قادم، فيما لو بقي مفككا.
مرور طريق الحرير من العراق الى سوريا هو الافضل ماديا للصين فهو الاقصر للوصول الى البحر الابيض المتوسط وبالتالي اوربا والامريكتين الشمالية والجنوبية ،وعندها يمكن لكل من سوريا والعراق ان يلعبا دورا مهما جدا في التأثير على الصراعات الدولية من خلال التحكم بعقدة الجغرافية المذكورة،ناهيك عن مكامن الغاز في المنطقة وطرق الغاز الروسي وغيره والتي تمر فيها. كما ان النهوض الروسي يحتاج لموارد ومناطق تصدير والوطن العربي هو منطقة هدف رئيسة لروسيا مثلما هو منطقة الهدف الامريكية، والصراع في سوريا الان مثال واضح .
العراق المستقل والقوي يمكنه تقليص تاثيرات الغرب عليه لانه يستطيع ترجيح كفة تحالف الصين وروسيا او كفة امريكا، او يقبض العصا من وسطها. لذلك فان تقسيم العراق مرتبط بتطور الصراع الدولي ايضا وليس فقط بقدرات شعب العراق.ومن بين الفرص الاخرى للعراق والامه العربيه امكانية قلب الطاوله على الاسرائيليتين الغربية والشرقية،او على الاقل تحجيمهما، فلعب ورقة العقدة الجغرافية في العراق وسوريا سوف يوفر امكانية حرمان اسرائيل الشرقية من الفوائد الستراتيجية لطريق الحرير والذي تعول عليه ستراتيجيا لانه في النهاية لابد ان يمر بالعراق ثم في سوريا،اما تركيا فمن الصعب تصور اتفاقها الثابت مع اسرائيل الشرقية لان المشرق العربي هدفهما المشترك، وهو ما سيفجر صراعا عدائيا بينهما،ولذلك فان طهران ملزمة اما بالتراجع عن مطامعها الاستعمارية او مواصلتها فيقبر املها في طريق الحرير.
  وبالنسبة لاسرائيل الغربية فان التوافق الصيني والروسي مع العراق وسوريا سوف يؤدي الى المزيد من دعمهما لحقوق العرب في فلسطين وستعيدان النظر في سياسية اللامبالاة بالتوسع الصهيوني فيها وفي الجولان. واخيرا وليس اخرا سيوفر ذلك قدرات عسكرية وتكنولوجية متميزة للعراق سيحصل عليها من الصين وروسيا لان لهما مصلحة في تقوية المصدات الاقليمية للتوسع الامريكي. وبالعكس فان امريكا وبقدر ما تبدي استعدادا للتراجع عن سياسياتها المعادية للعرب فانهم سيظهرون المزيد من لانفتاح لها . 
وهنا يجب ان نكرر  التأكيد على ان امريكا الان ليست امريكا التي غزت العراق لانها شاخت اكثر وزاد تدهور معنوياتها وفقدت الكثير من قدراتها وتعمقت لديها (عقدة العراق) الناتجة عن عظمة المقاومة العراقية التي اجبرتها على الانسحاب عسكريا، فاصبحت تخشى بتطير مرضي (فوبيا) الانغماس في حروب  شاملة وطويلة وهو ما نراه في تعاملها اللين مع طهران،وهو تطور يمنح العراق المتحرر المزيد من قوة المناورة.
ولكن كل ما سبق رهن بقيام حكم وطني ديمقراطي جبهوي وقوي بمركزيته في العراق،ولهذا فالنضال الوطني العراقي الان ليس من اجل التحرر من الغزو الايراني فقط ،وهي المهمة الاساسية الان وكل ماعداها متنح مرحليا، بل انه ايضا التحرر الكامل من اي مؤثر اجنبي يضعف الهوية الوطنية العراقية والانتماء القومي العربي وعلى مراحل متعاقبة تسمح بالاستثمار الافضل للفرص المتاحة.العراق يمكن ان يكون الطرف المرجح لتقدم اي طرف دولي في المنطقة بحكم قدراته المادية والبشرية والتي نراها الان في ساحات الثورة الشعبية،وهنا نجد فرصتنا التاريخية في النهوض القوي وفرض مشروعنا الوطني العراقي اولا ثم مشروعنا القومي العربي ليكون المستثمر لموارد الوطن العربي وليس المشاريع الاقليمية ولا الدولية.
واخيرا ثمة سؤال ينبش مكامن الشك: لم لاتحاول امريكا القضاء على ميليشيات اسرائيل الشرقية كعقبة امام عودتها للسيطرة الرسمية على العراق فتدعو لتأسيس اقليم سني لحماية السنة رغم انه لايوجد تهديد منظور الان لهم، اضافة الى انها تملك القوة الكافية لتصفية الميليشيات؟ اليس ذلك عودة اقوى بكثير من بداية الاحتلال لمشروع تقسيم العراق حيث ارادت امريكا تقسيمه الى ثلاثة دول تحت غطاء الفدرالية؟ اليس ذلك تمهيد لتوطين ملايين الفلسطينيين في غرب العراق لانهاء حق العودة؟ 
اذا كانت امريكا تريد حقا عراقا واحدا مستقرا كما تقول الان فعليها ان تجتث الميليشيات بقوتها،وسيدعمها كل وطني عراقي،وليس بأنشاء اقليم سني سيكون خطوة على طريق تقسيم العراق وانهاء فلسطين وتعزيز قوة طهران، وامريكا قادرة يقينا على اجتثاث الميليشيات بسهولة فهذه الميليشيات جبانة القيادات ويمكن لالف عراقي مسلح ومدرب تصفيتها في ساعات، فلم لاتصفيها القوات الامريكية وهي التي نجحت في تدمير  العراق بكاملة وكان قوة اقليمية عظمى بدل تأسيس اقليم سني؟ وهل توجد حاجة للتذكير بحقيقة ثابتة وهي ان من استباح دم السنة هو امريكا بواسطة اسرائيل الشرقية وميليشياتها والشركات الامنية الامريكية او كتائبها المتنقلة كالقاعدة وداعش؟ 
ان الدعوة للاقليم السني محاولة لاجهاض نهوض العراق الواحد من جنوبه الى شماله بعد ان نفض الخلايا الميتة من جسده وانهى الطائفية السياسية بقوة اللحمة العراقية الاجتماعية،فلا عودة للخلف حتى وان كان التقدم الى امام ملغوما،الوضع تغير لصالح الشعب: خيارنا الاوحد هو النصر او النصر.
Almukhtar44@gmail.com
31-1-2020
روابط مقالات سابقة كشفت لعبة (حتمية) تقسيم العراق:

http://www.albasrah.net/pages/mod.php?mod=art&lapage=../ar_articles_2019/1119/mukhtar_081119.htm
http://www.albasrah.net/pages/mod.php?mod=art&lapage=../ar_articles_2018/1118/mukhtar_031118.htm
http://www.albasrah.net/pages/mod.php?mod=art&lapage=../ar_articles_2016/0916/mkhtar_180916.htm
http://www.albasrah.net/pages/mod.php?mod=art&lapage=../ar_articles_2015/0715/mukhtar_050715.htm
http://www.albasrah.net/pages/mod.php?mod=art&lapage=../ar_articles_2015/0515/mukhtar_280515.htm
http://www.albasrah.net/pages/mod.php?mod=art&lapage=../ar_articles_2014/0714/mkhtar1_300614.htm
http://www.albasrah.net/pages/mod.php?mod=art&lapage=../ar_articles_2014/0714/mukhtar2_030714.html

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

+ 18 عذرًا لهذا الفديو لكن وزير العمل الحالي باسم الربيعي يمارس اللواط

قائمة ال 55 من المطلوبين للشعب العراقي

كما وردني الان وصلتني المعلومات التاليه .لمن يسال من هي حكومة المنفى